بينما يحرص كثير من الرؤساء التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا على الالتزام بالهياكل التنظيمية الصارمة، والجداول الزمنية المحددة، وتسلسل القيادة الرسمي، يختار مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، نهجًا مختلفًا يتسم بالمرونة والتواضع المدهش.
زوكربيرج لا يتبع النمط التقليدي في إدارة الشركات، بل يقر بأنه لا يُحبذ إدارة الأفراد. في حديث أجراه مؤخرًا مع جون كوليسون، الشريك المؤسس لشركة Stripe، قال بصراحة: "ليس لديّ 60 موظفًا يرفعون لي تقارير مباشرة، ولا أحب إدارة الأشخاص".
ويُوضح زوكربيرج أنه لا يُجري اجتماعات فردية بشكل دوري، ولا يؤمن كثيرًا بالتسلسل الهرمي التقليدي داخل المؤسسة. بل يُفضل التواصل مع الموظفين عند الحاجة فقط، ويتوقع منهم بالمقابل المبادرة إليه عند وجود ما يستدعي الحديث. وأضاف: "عندما أقول إنني لا أعقد اجتماعات فردية منتظمة، فأنا أتحدث إلى كل هؤلاء الأشخاص كثيرًا، ربما أكثر مما يرغبون، ولكن فقط عندما يكون هناك ما يستدعي ذلك".
أما عن جدوله الأسبوعي، فهو يقتصر على اجتماعين متكررين: أحدهما لمناقشة الاستراتيجية، والآخر لمراجعة أولويات الشركة. بقية الوقت يظل غير مجدول عمدًا، ما يمنحه مرونة في التفكير وحل المشكلات. وأوضح أنه إذا لم يتوفر له هذا الوقت، يشعر بالإرهاق وسوء المزاج، مشيرًا إلى أهمية تخصيص وقت كافٍ للتفاعل المباشر مع من يهمه التواصل معهم أو معرفة مستجدات العمل منهم.
يعتمد زوكربيرج في إدارته على ما يُعرف بـ"الجيش الأساسي"، وهو فريق يضم بين 25 إلى 30 من كبار القادة في الشركة، يبقيهم مطلعين على أبرز التطورات، رغم أن أغلبهم لا يتبع له مباشرةً، إلا أنهم يقودون أهم مبادرات الشركة. ويقول: "فريق القيادة لا يقتصر فقط على تقاريري المباشرة، بل يشمل مجموعة أوسع من الأشخاص الذين أحرص على إشراكهم في مختلف الجوانب".
ورغم أنه يعمل عن قرب مع كبار المدراء التنفيذيين، إلا أنه لا يتردد في التواصل مباشرة مع الموظفين الذين يشرفون على مجالات معينة تهمه، متجاوزًا التسلسل الإداري التقليدي. وقال: "أعمل بشكل وثيق مع مجموعة مبدعة من القادة، لكنني لا أتردد في التواصل مباشرة مع من يديرون المشاريع التي أهتم بها، بغض النظر عن مناصبهم".
أما على مستوى هيكلة الأقسام، فقد كشف زوكربيرج أن عمليات المنتجات داخل ميتا موزعة على نحو 15 مجالًا رئيسيًا، تشمل كل شيء من إنستغرام وفيسبوك، إلى الذكاء الاصطناعي، والإعلانات، والبنية التحتية للواقع الافتراضي. ورغم أن قادة هذه الوحدات لا يقدمون تقاريرهم له مباشرة، إلا أن الإشراف عليهم موزع بين ثلاثة مسؤولين كبار: كريس كوكس (رئيس المنتجات)، خافيير أوليفان (رئيس العمليات)، وأندرو بوسورث (رئيس التكنولوجيا).
ويرى زوكربيرج أن هذه البنية التنظيمية تُبعده عن تفاصيل الإدارة اليومية غير الضرورية، وتُبقيه في الوقت ذاته مشاركًا في القرارات المصيرية. وقال ختامًا: "إذا كنت ستقدم تقاريرك إليّ، فيجب أن تكون قادرًا على إدارة نفسك أولًا".