الطبيعة خزان لا ينتهي من الأفكار والحلول التقنية البسيطة والمعقدة،المبتكرة والفعالة في نفس الوقت.في تدوينتنا هذه سنحاول التركيز على أهم ثلاث أمثلة من الحشرات الملهمة في عالمنا اليوم والتي تم اللجوء اليها من طرف العلماء والباحثوت كحل أول لمواجهة المشاكل التقنية التي تواجهنا .
الخنافس :
الخنافس على وجه التحديد هي عبارة عن مصنع ادوية متنقل ،وهي افضل مطهر طبيعي حي ضد الحشرات الضارة ويمكنها ان تعويض المبيدات الحشرية الضارة.
يحتوى دم الخنفساء على مواد مضادة وقاتلة للجراثيم ،فبعد قرون من التطور توصلت حشرة الخنفساء الى طرق متطورة لمكافحة البكتيريا و القضاء على السموم التي قد تحتويها بعض الحشرات الصغيرة التي تكون اساس نظامها الغذائي ،هذه المواد تفيد اليوم الباحثين في مجال الصيدلة وتساعدهم على ابتكار مواد طبيعية مضادة للبكثيريا .
لعقود من الزمن استعمل الاطباء والصيادلة ،المضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا والحد من التعفنات ،لكنه وفي كثير من الاحيان تكتسب هذه البكثيريا مناعت ضد هذه المضادات الحيوية وتصبح غير فعالة .
مؤخرا توصل باحثون في مستشفي "رويد ايلند" الى نتائج مذهلة بعد سنوات من ابحاثهم على حشرة الخنفساء،فقد اكتشفوا ان السر يكمن في مواد مضادة توجد في دماء الخنافس،وهي بديل طبيعي فعال للمضادات الحيوية،و نجحت تماما في مكافحة البكثيريا عند فئران المختبر ،وهم الان في اطار الاستعداد لتطبيقها قريبا على البشر .
الخنفساء ملهمة ايضا في مجال الهياكل والبناء ،على سبيل المثال خنفساء كولورادو التي تملك درعا واقيا قوي وخفيف واجنحة خفيفة تمكنها من الطيران والمناورة برشاقة،تعد ملهمة في مجال البناء ،حيث انها مكنت باحثين في جامعة "شتوتغارد" من ابتكار بنيات وهياكل معقدة،خفيفة وقوية في نفس الوقت مستلهمة من بنية اجنحة الخنفساء ،ستكون أساس البنايات في المستقبل بفضل مقاومتها للعوامل الخارجية
.
ديدان القز:
يمكننا القول ان دودة القز هي اقدم طابعة ثلاثية الابعاد توجد في الطبيعة ، حيث يمكن لها نسج ازيد من كيلوميتر من الحرير لغزل شرانقها على اغصان اشجار التوت،و تبلغ قوة خيط الحرير حوالي ثلث قوة الفلاذ بفضل احتوائه على بروتيت الحرير ،هذا البروتين الذي من الصعب انتاجه في المختبر،يعد افضل بديل طبيعي للبلاستيك الملوث للطبعة .
استلهام مؤخرا علماء اوروبين من هذه الديدان الفكرة لابتكار مواد جديدة مكونة من بروتين الحرير تستعمل في مجال التغليف والتوضيب ،تعويض كليا المواد البلاستيك ،هذه المواد الطبيعية تتميز بخفتها واحترامها للبيئة بفضل خصائص التحلل التلقائي لها بعد مدة قصير جدا من رميها في الطبيعة .
كما توصلو الى نتائج تؤكد ان العقاقير المدمجة مع الحرير تبقي فعالة لمدة اطول ،دون الحاجة لتبريدها .كما انه وعلى عكس المواد البلاستيكية التي تسبب في كثير من الاحيان حساسية للجسم فان دمج الحرير مع الالكترونيات والمجسات و زرعها داخل الجسم لا يعطي اي اعراض جانبية
النمل :
تعد مستعمرات النمل جنة للباحثين في مجال البناء المستدام والروبوتات الذاتية الحركة .
من منا لم يشاهد يوما عبقرية النمل في تنظيم حركتها ،وتجاوز العوائق في اطار تناغم تام مع المجموعة دون الحاجة الى شرطي مرور او علامات تشوير ،هذه العبقرية تاتي نتيجة لاستعماله لتقنية ذكية في التواصل بين افراد المستعمرة ،حيث ان كل نملة تعتمد على الرائحة للتفاعل مع المحيط وباقي افراد النمل و ايجاد طريق العودة .
تستكشف كل نمل المحيط باحثة على الطعام و تترك رائحتها على الطريق وتعود لاخبار باقي المجموعة عن مكان الطعام ،وتكمن عبقرية النمل في طريقة تعاملها مع العوائق والتعلم من الاخطاء بسرعة وايجاد الطرق المختصرة ،رياضيا الكل يعلم ان ان اقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم ،وايضا ان نسبة الخطأ تقل بعد تكرار المحاولات ،وعليه فانه كلما ارتفع عدد النمل الذي يمر من نفس الطريق يزيد تركيز الرائحة ،ومع الوقت تنتظم حركة المرور في المستعمرة وتاخد كل افراد النمل اقرب طريق .
علماء اليوم اكثشفو اخيرا ان مستعمرات النمل هي واحدة من اذكى المنظومات في الطبيعة ،لذلك فانهم يستلهمون من هذه الحشرة الصغير افكارا بالغة العبقرية ،لابتكار روبوتات ذكية ذاتية القيادة ،تعمل بشكل مستقل ،و تتعلم بسرعة كيفية التعامل مع العوائق.
في جامعة برستن صمم باحثون نظام ماعلوماتي مستلهم كليا من مستعمرات النمل، هذا النظام يعمل على التحكم الاوتوماتيكي في حركة المرور ويتعامل مع كل المتغيرات لضمان سلاسة في المرور .
من الواجب علينا اليوم كبشر المحافظة على البيئة للأجيال القادمة ،هذه المحافظة لا يمكن أن تكون بدون إعطاء أهمية كبرى لمكوناتها و إستلهام طرق لطالما استعملتها الطبيعة الأم للتعايش مع المتغيرات ،ولعل الحشرات هي واحدة من تلك المكونات الاساسية التي نتيقن يوما بعد يوم انها وبالرغم من صغر حجمها فهي مكتبة معرفة ضخمة لاتنتهي ،تلهمنا جميعا لابتكار اشياء جديدة كل يوم .
الموضوع من طرف:sami abdelkrim
ضمن مسابقة المحترف لأفضل تدوينة لسنة 2017
