خلاف قضائي يكشف ممارسات جوجل في جمع البيانات
قبل نحو شهر، قضت محكمة أمريكية بأن شركة جوجل تسيطر بشكل غير قانوني على سوق الإنترنت، مما يعوق تطور المنافسين. وفي محاولة لإعادة التوازن والمنافسة العادلة، طرحت المحكمة خيارين أمام الشركة: إما بيع متصفح "كروم"، أو السماح للشركات الأخرى بالوصول إلى قاعدة بيانات بحث جوجل، بما يشمل فهرسها ونتائج البحث.
هذا الاقتراح، في حال تنفيذه، قد يمنح المنافسين فرصة تطوير محركات بحث أكثر تطورًا. لكن جوجل رفضت بشدة الفكرة، معتبرةً أن مشاركة بيانات البحث قد تكشف عن معلومات حساسة تخص المستخدمين. تقرير حديث صدر عن شركة الأمن السيبراني Surfshark يدعم هذا الادعاء، مشيرًا إلى أن جوجل تجمع كميات ضخمة من البيانات الشخصية عبر متصفحها.
كروم: ملك البيانات الشخصية
سلّط التقرير الضوء على مدى التوغل الذي يمارسه متصفح "جوجل كروم" في خصوصية المستخدمين، حيث تبين أنه يجمع بيانات أكثر من أي متصفح آخر. يشمل ذلك معلومات مثل قائمة جهات الاتصال، الموقع الجغرافي، التفاصيل المالية، سجل التصفح، الوسائط (كالصور والفيديو)، وحتى التسجيلات الصوتية، إضافة إلى المعرفات مثل عنوان IP ومعرف الجهاز.
ما يزيد من خطورة هذا الأمر أن هذه البيانات تُستخدم عبر مجموعة من خدمات جوجل المتكاملة مثل "جيميل" و"الخرائط" و"محرك البحث"، ما يجعل من الصعب على المستخدم التمييز بين استخدام الوظائف والخضوع للمراقبة.
وصرّح توماس ستاموليس، كبير مسؤولي الأمن في Surfshark، بأن الشركات تبرر جمع البيانات بتحسين تجربة المستخدم، لكنه أشار إلى أن حجم البيانات المُجمعة أصبح مقلقًا، داعيًا المستخدمين إلى مراجعة أذونات التطبيقات بانتظام.
الاختلاف الإقليمي وتنوع الاستخدام
رغم أن كروم يستحوذ على نحو 70% من سوق المتصفحات عالميًا، إلا أن استخدامه يختلف حسب المنطقة. ففي دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية، حيث تنتشر أجهزة iPhone، يتمتع متصفح "سفاري" التابع لشركة Apple بحصة سوقية أكبر. ففي أمريكا مثلًا، تصل حصة سفاري على الهواتف المحمولة إلى 50%، بينما يتراجع كروم إلى 43%. ويُعد هذا ميزة لسفاري، الذي يُصنف أقل بكثير من حيث جمع البيانات، حيث جاء في المرتبة الرابعة من بين أكثر 10 متصفحات استخدامًا وفقًا لتقرير Surfshark.
من هو الأكثر احترامًا لخصوصيتك؟
أظهرت الدراسة فروقات واضحة بين المتصفحات في مستوى جمع البيانات. جوجل كروم جاء في الصدارة بجمعه بيانات من 20 فئة مختلفة. يليه محرك Bing، الذي يجمع بيانات من 12 فئة. في المقابل، تميز متصفح "تور" باهتمامه الكبير بالخصوصية، إذ يكاد لا يجمع أي بيانات شخصية، ويُستخدم للوصول الآمن إلى الإنترنت بما في ذلك الإنترنت المظلم.
أما متصفح "بريف"، فيعتمد على تقليل التتبع الرقمي، ويجمع بيانات من فئتين فقط (بيانات الاستخدام والمعرّفات)، ما يجعله خيارًا جيدًا للمستخدمين الحريصين على الخصوصية.
أما "فايرفوكس" و"دَك دَك جو"، فيقدمان حلاً وسطًا، حيث يتجنبان ممارسات التتبع المفرطة، مع جمع أقل قدر ممكن من البيانات الضرورية لتقديم أداء وظيفي جيد.
خلاصة القول
يشير تقرير Surfshark إلى أهمية وعي المستخدمين بحقوقهم الرقمية، ويحثهم على مراجعة الأذونات التي يمنحونها للمتصفحات، خاصةً مع تزايد جمع البيانات دون معرفة مباشرة أو موافقة واضحة من المستخدم.
