في ظل التطورات السريعة التي يشهدها مجال الذكاء الاصطناعي، لم يعد مفاجئًا أن نسمع عن استخدام تقنيات لغوية متقدمة مثل ChatGPT في مجالات حساسة، كالمجال الطبي. ومع هذا التقدم المثير، يظل السؤال الأبرز: هل يمكننا فعلاً الاعتماد على النصائح الطبية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد شات جي بي تي؟
جدل "حبة الغلة"
الواقعة التي شغلت الرأي العام المصري مؤخرًا، حيث قام شاب في أسيوط بمحاولة الانتحار بتناول حبة غلة، ثم استعان ابن عمه بتطبيق شات جي بي تي للمساعدة في إنقاذه، أثارت الكثير من التساؤلات حول إمكانية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح طبية أو وصفات علاجية.
ما الذي يمكن أن يقدمه ChatGPT في الطب؟
تمكن نموذج ChatGPT الذي طورته شركة OpenAI من إظهار قدرات متطورة في فهم اللغة وتحليل الأعراض، بالإضافة إلى تقديم معلومات طبية أولية، بل وحتى محاكاة استشارات طبية. في دراسة نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA)، تبين أن ردود النموذج على بعض الأسئلة الطبية كانت دقيقة وتعاطفية بشكل يشبه الأطباء البشر، خصوصًا في الحالات غير الطارئة.
تتنوع تطبيقات ChatGPT الطبية لتشمل:
دعم الأطباء في تحليل الأعراض الأولية.
تبسيط نتائج الفحوصات للمرضى.
إعداد ملخصات للسجلات الطبية.
تدريب الطلاب عبر محاكاة مواقف طبية.
هل يمكن الاعتماد عليه لتقديم نصيحة طبية؟
الجواب ببساطة: لا. إذ أن ChatGPT ليس لديه رخصة طبية ولا يخضع للمسائلة المهنية، مما يجعله غير مؤهل كمصدر وحيد للمعلومات الطبية. يجب استخدامه كأداة مساعدة تحت إشراف طبي، وليس بديلاً عن الطبيب المتخصص.
تكمن الخطورة في الاعتماد الكامل على هذه التكنولوجيا دون التحقق من صحة المعلومات، أو في الحالات التي تتطلب فحصًا بدنيًا دقيقًا، أو تلك التي تحتاج إلى تفاعل إنساني وتعاطف لا يمكن للنظام الرقمي محاكاته. إضافة إلى ذلك، فإن أي خطأ في المعلومات الطبية قد يتسبب في عواقب خطيرة على صحة المرضى.
ما بين الحذر والفرصة
على الرغم من التحديات، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT تحمل إمكانيات كبيرة لتحسين العمل الطبي وزيادة جودة الرعاية الصحية، بشرط استخدامها بشكل مسؤول. يمكن لهذه الأدوات أن تساعد في تحسين كفاءة الأطباء، توسيع الوصول إلى الرعاية الصحية في المناطق النائية، وتوفير محتوى علمي محدث وسهل الفهم للمرضى.
لكن من الضروري أيضًا وجود ضوابط قانونية صارمة وأطر مهنية واضحة لتنظيم استخدام هذه التقنيات، وحماية خصوصية المرضى، والحد من إساءة الاستخدام. يمكن أن يلعب ChatGPT دورًا مهمًا في مستقبل الطب، لكنه لا يعد بديلاً عن الخبرة البشرية أو القرار الطبي المهني.