أظهرت دراسة نشرت في مجلة Nature أن هولنديًا تمكن من استعادة قدرته على المشي بعد تعرضه للشلل لمدة عقد من الزمان، وذلك باستخدام أفكاره فقط، وذلك بفضل وجود "جسر رقمي" يعيد ربط دماغه بالنخاع الشوكي.
وبفضل تقنية جديدة تم تطويرها من قبل باحثين في فرنسا وسويسرا لمدة أكثر من عقد، يستطيع الشخص الآن المشي بشكل شبه طبيعي على الأرض وحتى صعود السلالم.
كما أن في العام الماضي، تمكن فريق الباحثين من استعادة القدرة على المشي لثلاثة أشخاص مقعدين من خلال زراعة جهاز في النخاع الشوكي، وهو العضو المسؤول عن إرسال الإشارات العصبية لتحريك عضلات الساقين. ومع ذلك، كانت التقنية تتطلب من المقعدين الضغط على زر لتحريك ساقيهم في كل مرة. أحد هؤلاء المقعدين هو خيرت-يان، الذي تعرض لحادث أثناء ركوبه للدراجة الهوائية، مما أدى إلى إصابة في نخاعه الشوكي وتسبب في شلل في ساقيه لأكثر من عقد. وكان خيرت-يان يواجه صعوبة في المشي "بطريقة طبيعية" عن طريق الضغط على الزر.
وفيما بعد، قام الباحثون بتزويد النخاع الشوكي بواجهة حاسوبية للدماغ، والتي يتم زراعتها فوق المنطقة المسؤولة عن حركة الساقين في الدماغ. يتم نقل البيانات من الواجهة إلى النخاع الشوكي عبر جهاز محمول آخر يتم وضعه في حقيبة ظهر صغيرة أو مشاية بعجلات. وبهذه الطريقة، تتم نقل الإشارات الدماغية بشكل رقمي مباشرة من الدماغ إلى النخاع الشوكي، مما يتيح للمرضى القدرة على المشي بدون مساعدة من الآخرين.
وفقًا للباحثين، يعتمد استخدام الواجهة الدماغية الحاسوبية على خوارزميات تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لفك تشفير تسجيلات إشارات الدماغ على نحو فوري. وبفضل هذه الواجهة، التي تم تطويرها بواسطة فريق من الباحثين في هيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية (CEA)، يمكن للواجهة أن تفهم رغبات الشخص في تحريك ساقيه في أي لحظة.
وبفضل ذلك، تمت إعادة "الجسر الرقمي" الذي يربط بين نخاع خيرت-يان الشوكي ودماغه الذي انقطع نتيجة الحادث. وبعد إجراء الزرع، صرح خيرت-يان قائلاً: "الآن أستطيع أن أفعل ما أريد. عندما أقرر المشي وخطوة إلى الأمام، ستبدأ الحركة فورًا بمجرد تفكيري في ذلك."
وبعد مرور ستة أشهر من التدريب، استعاد خيرت-يان بعضًا من الإحساس والحركة التي فقدها في الحادث، وهذا ما يثير الاهتمام. حتى تمكّن من المشي على عكازات عند تشغيل "الجسر الرقمي". وأكد غيوم شارفيت، أحد الباحثين في هيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية، أن هذا يشير إلى أن "إنشاء رابط بين الدماغ والنخاع الشوكي يعزز إعادة تنظيم الشبكات العصبية في موقع الإصابة".
وقد حذر شارفيت من أن تحقيق توافر التقنية على نطاق واسع سيتطلب "سنوات عديدة من البحث". ومع ذلك، يعمل الفريق حاليًا على دراسة إمكانية استخدام هذه التقنية لاستعادة الحركة في الذراعين واليدين. كما يأملون في تطبيقها على مشاكل أخرى مثل الشلل الناجم عن السكتات الدماغية.